طرقت كل الأبواب.. وسلكت كل السبل لحل مصيبتك.. إلا باباً واحداً لم تقرعيه…
باب من يجيب المضطر إذا دعاه.. ويكشف السوء
باب من لا تغيب عنه غائبة.. ولا تعجزه في الأرض ولا في السماء بلية..
أين دعاؤك؟؟ أين مناجاتك؟؟ أين انطراحك في السحر لمن يسمع همسك ونجواك؟؟
فنصيحتي الأولى لكِ.. أن تقوي ثقتك بربك.. وأن تصبري وتحتسبي.. فهذا أهم جانب ينبغي أن تقويه وتقبلي عليه..!!
ثانياً: دعي عنك اليأس والاستسلام لهذه المشكلة..
من الغد, اتصلي بإخوتك أو أحدهم.. واستدعيه للمنزل.. واشرحي له ما حدث معك بالتفصيل..
ثالثاً: الانتحار، والهرب من
المنزل, ليست هذه حلول يؤخذ بها مهما عظمت المصائب.. فأهلك لم يضيقوا عليك
ولم يشددوا إلا حبا لكِ وخوفاً عليكِ.. لست رخيصة حتى يتركوكِ أو يهمشوك!!
وما تشاهدينه من صد وإعراض, ما هو إلا حباً وخوفاً وحزناً وألماً،
وإن كنتِ أبعد ما تكونين في الواقع عن مثل هذه الأمور..!!
واعلمي أنه لا أحد أحرص عليك من أهلك…!
وإن أخطأت أخواتك في الأسلوب…
فما هكذا تؤخذ الأمور الحساسة إطلاقاً..
.. ولكن تذكري: أنهم في النهاية أهلك! وهم أحرص عليك منك..
***
(2)
وفي أثناء الحديث قالت أختنا:
_وهل أنا السيدة عائشة كي تنزل براءتها من السماء؟؟
_استغفري الله، وهل يعجز ربنا سبحانه عن ذلك؟؟
_أستغفر الله، لكن مشكلتي عظيمة وأخشى أن ينتشر الخبر في كل العائلة..
_أحسني ظنك بربك، ثم إن إخوتك أحرص عليك من نفسك.. فأنت قبل أن تمثلي ذاتك تمثلينهم..
_والدليل فعل أخواتي, والله لا أثق بهن بعد اليوم!!
_أنا معك أنهن أخطأن في الأسلوب.. لكنهن في النهاية يردن مصلحتك
_آسفة، أخذت من وقتك.. وكلامك على العين والرأس، لكن ادعي لي.
_قد لا أكون وفقت بشكل كامل بالحل الذي يريحك.. لكن صدقيني.. ليس هناك سلاح أقوى من مواجهة الواقع بكل صبر ويقين بفرج الله تعالى..
بصراحة: أنا مقصرة جداً مع الله، وربما ابتليت بسبب ذنوبي.. لكن أعدك بأن أصلح أوضاعي..
_ أصلحنا الله جميعاً، فكلنا مقصر!
_أراك على خير، ولا تنسينا من صالح دعائك ِ
===
افترقنا بعد هذا المجلس.. ولم يتيسر لنا لقاء بعده… ولم يكن بيننا اتصال…
ولم نلتقِ في لجامعة.. اختفت تماماً تلك الأخت عن عيني… وغابت أخبارها.. وكنت آمل أن أعلم ما استجد من أمرها..
ولكن مازلت أذكرها.. ولا أنساها من الدعاء.. بأن يفرج الله كربها وييسر أمرها..
وتمضي سنة كاملة.. ولم أرها بعد ذلك اليوم..
===
وقبل يومين.. بينما كنت أمشي مع إحدى الصديقات..
فإذا بإحدى الأخوات تغمم عيني من الخلف… وتقول: من أنا؟؟!!
وكانت المفاجأة أنها صاحبتي تلك…
لم أملك دموعي من الفرح بلقياها…
وبعد السلام والتحية.. ألزمتها بالجلوس لو لدقائق لتخبرني عن حالها وما توصلت إليه.. وكانت ذاهبة إلى منزلها.. فأجلت الخروج.
_ما هذا الانقطاع؟؟ لا سؤال ولا طمأنة!!
… ماذا فعلتِ بي يا أختي!!
قالت بابتسامة عريضة:
_أبشرك انتهى الموضوع.. من أول أسبوع قابلتك فيه!!
_الحمد لله، لكن كيف؟؟
أولاً سامحيني أني لم أخبرك.. شغلتني الدنيا وأضعت رقمك.
ثانياً: مرت علي أيام مرة.. أسوأ مما تتوقعين.. وأكثر من السابق.. لكن كنت أتذكر
عبارتك بضرورة الدعاء والالتجاء إلى الله، فكنت أدعو الله دائماً في كل حين.. وأطلب
من أمي أن تدعو لي، حتى أنني أتيتها ذات مرة وأنا منهارة من كثرة البكاء وقلت لها:
أمي، صدقيني والله ليس لي ذنب.. ادعي لي يا أمي.. فتبكي معي حيناً
وتعاتبني حيناً، قائلة: هل قصرنا معكِ في شيء؟؟
هل وهل؟؟.. ولا تنتهي حتى أقسم لها بالله وأبكي..
لكن الحمد لله على كل حال وعلى ما كان.
====
في يوم من تلك الأيام انتظرت أخي الأكبر عند الباب وهو يريد الصعود إلى منزله بعد أن أتى من عمله..
ناديته بعد طول انقطاع عن رؤيته:
_أخي فلان
_نعم
_أخي هلا شربت معنا القهوة.. منذ زمن لم تمرّ بنا..
_ أنا الآن متعب ومشغول, سآتي في وقت لاحق
أخي أرجوك ادخل لو لدقائق.. اشتقت إليك.
_حسناً
ثم أجلسته بالمجلس وبقينا وحدنا.. وسرعان ما أخذت يده أقبلها ورأسه وأبكي.. وأحلف
بالله أني صادقة..
طبعاً أخي الأكبر رقيق القلب.. وهو الذي رباني بعد وفاة أبي.. أخذني إليه وبكى معي.. وأصبح كلانا يبكي..
كان أصعب موقف مر عليّ، وأجمل منظر أستشعره بعد طول غياب إخوتي عني!
وأخذت أحلف وأوضح وأقص القصة بأكملها عليه، وموقف أخواتي.. وكل شيء..
لكن أخي كان يقول لي:
_سامحيني يا أختي أنا مقصر معك, ووالله ما بعدت عنك بإرادتي، فأنت أختي واحترقت لأجلك..
وأخذ يلوم نفسه وتقصيره, وانتهزتها فرصة وشددت اللوم عليه وعلى إخوتي وقلت له:
حتى لو كنت أخطأت – ويعلم الله أني بريئة- كان من المفترض أن تساعدوني وتقفوا
بجانبي ولا تهملوني وتشددوا علي في كل شيء..
أنا أعيش في عذاب ليل نهار.. أمرض ولا تسألون، أبكي ولا تعلمون.. أموت باليوم ألف مرة ولا تشعرون..
كلكم تريدون الانتقام مني دون ذنب… إلخ
وهو لا يزيد على قوله: سامحيني يا أختي..
لكن لا أعلم صدقني أم لا… ولكني ظللت أحلف وأكرر بالموقف.. حتى يعيه ويصدقني..
وأفرحني هذا الموقف وشعرت بأن
علاقتي معهم بدأت تتحسن.. حتى أخي الذي يكبرني بقليل، والذي قاطعني
وأسمعني كلاماً كالعلقم.. بدأ يسأل عني ويتحدث معي.. كأن شيئاً لم يكن..
والحمد لله بدأت العلاقة تتحسن.. وأول ما يدخلون البيت يسألون عني..
حدث أن أخبرتهم أني أحتاج إلى جهاز جوال جديد..
فأعطوني الجهاز القديم نفسه والرقم نفسه.. واستغربت حقيقة للموقف!
كنت أظنهم سيمانعون، أو حتى على الأقل لن يعطوني شريحتي نفسها!
لكن شكرت لهم الصنيع كأن شيئاً لم يكن!
تخيلي من اتصل بي مجدداً؟؟؟
_من؟
_إنه الشاب ذاته!
تذكرت كلامك, وما المفترض أن أفعل.. لكن…
أبيت إلا أن أشتمه، وأذهب حاجة نفسي، وما سببه لي من ألم..!
فعلت ولكن.. قال، وليته ما قال:
والله أنا لا أعرفك ولا أملك لكِ صورة, ولا أعرف من أنت.. لكني أقولها بكل صدق:
صديقتك فلانة هي من أعطتني هذه المعلومات عنكِ!
ونحن أناس لا نفرق بين من يكلمن الشباب وبين صديقاتهن, كلهن بأعيننا سواء، وأنا أحذرك منها… إلخ.
أعطيت الهاتف أمي وقلت اسمعي:
فعلمت أمي كل شيء..
وأخبرت إخوتي..
وكادت أن تحدث مشكلة مع أهل تلك الفتاة…
إلا أن الأمر توقف عند هذا الحد.. وغيرت رقمي.. وقطعت علاقتي بتلك الصديقة
وتحسنت علاقتي مع أهلي إن لم تكن عادت كما هي
واستفدت من هذا الموقف درساً عظيماً.. لن أنساه ما حييت..
وها أن أمامك.. بأحسن حال… وأتيت اليوم لأسحب ملفي الجامعي.. فقد تزوجت بإمام مسجد وأود إكمال الدراسة بمدينة زوجي..
_الحمد لله.. على كل حال.. والحمد لله على انتهاء الكابوس.. والحمد لله على حياتك الآن…
حارت كلماتي ولا أدري ما أقول, لكني أسأل الله لكِ التوفيق.. أينما كنت وحيثما حللت.. وحفظ الله عليك بيتك الجديد..
((دروس وعبر من القصة))
1/على الفتاة أن تحسن انتقاء الصديقة, ولا تتعجل بالثقة لأي أحد, وهناك علامات تعرف بها الصديقة الصالحة من صديقة السوء.
2/على الفتاة ألاّ تردّ على
على أي رقم غريب, وإذا ما تكررت اتصالات الأغراب عليها أن تخبر أخاها
الأكبر أو والدها بهذا الإزعاج ليتولوا الأمر, وغالباً لا تتكرر الاتصالات
المجهولة إذا قوبلت بعدم الرد أو اللا مبالاة.
3/إذا قوبلت الفتاة بنوع من
التهديد, من أي شخص كان, ولم يكن إخوتها موجودين -مسافرين مثلاً- فلا تتردد
في إخبار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, سواء كان التهديد حقيقياً
أو وهمياً.
4/من المفترض أن تتحاشى
الفتاة الكلام مع الأجانب بالهاتف، لا بحجة معرفة مقصده, ولا ماذا يريد،
فإن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.
5/علينا التقرب من الله في المصائب، والإكثار من الصدقة والاستغفار والإلحاح على الله بالدعاء بتفريج الكرب.
6/ علينا تقوى الله في السر والعلن, وتجنب نواهيه وزواجره, ومن يتق الله يجعل له مخرجاً.
:
(كلمة لشباب المسلمين)
أيها الشاب المسلم، اتق الله في بنات المسلمين, ولا تعبث بأعراض الناس, فيبتليك الله في نفسك وأهلك..
فكم من بيت أفسدته, وكم من مستقبل دمرته, وكم من دعوة مظلوم رفعت عليك..
اتقوا الله يا شباب المسلمين في بنات المسلمين..
وليعتبر كل واحد منكم كل فتاة مسلمة أخته..
هبوا أنها هي المقصرة، وأنها
هي البادئة، كما نسمع في هذه الأيام, اتقوا الله وانتهوا عنهن فهن أخواتكم,
وعليكم بالنصح والتوبيخ لمن ابتدأتكم.
اتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في بنات المسلمين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق